صيغة الجمع، صيغة المفرد. نحن، أنا. هكذا اعتاد الكتاب المقدَّس أن يفعل. نادى اللاوي: “رنِّموا للربِّ أيُّها الصدِّيقون، احمدوا الربَّ بالكنَّارة، أنشِدوا له نشيدًا جديدًا” (مز 33: 1-3)، فهتف الشعب: “نفوسُنا تنتظر الربَّ، فهو نصير وترسٌ لنا. به تفرح قلوبنا وعلى اسمه القدُّوس توكَّلْنا. فلْتكن يا ربُّ رحمتُكَ علينا على قدر ما رجوناك” (آ20–22). وهي الجماعة تتلو بصوتٍ واحد صلاتها. في وقت الضيق تصرخ مع مز 44: “نفوسنا تمرَّغت في التراب وبطوننا لصقت بالأرض، فقم لنصرتنا يا ربُّ وافدِنا من أجل رحمتك” (آ26–27). وفي مز 48: “مثلما سمعنا رأينا… ذكرنا رحمتكَ يا ربّ… الله هو إلهنا مدى الدهر.”
الجماعة هي مع الأسقف، مع الكاهن، مع المنشِّط. معه تُعلن صلاتها، تنادي بإيمانها. كلُّهم معًا. ولكن يمكن للرئيس أن يصلِّي باسم الجماعة. فيقف ووجهه إلى الربِّ، حيث رمز حضوره. والكنيسة عندنا اعتادت أن تنظر إلى الشرق، هناك تشرق الشمس الحقيقيَّة، يسوع المسيح. نتذكَّر هنا مزمور التوبة: “ارحمني يا الله… اغسلني من إثمي…” (مز 51). أتُرى المترئِّس وحده خاطئ؟ هو يتلو الصلاة بصوتٍ عالٍ، والجماعة ترافقه بصوتٍ منخفض… هو يصلِّي باسمها وهي ترافقه وتسنده، وإلاَّ تبقى صلاته ناقصة. ونقرأ مز 59: “وأنا أنشد لعزَّتكَ، وأرنِّم في الصباح لرحمتكَ، لأنّكَ كنتَ ملجأً لي، وملاذًا في يوم ضيقي” (آ17). هل يُنشد الكاهن وحده؟ كلاَّ. بل مع الجماعة وباسم الجماعة. “إليكَ صلاتي يا ربّ، يا الله هذا أوان الرضى. كن عونًا لي بكثرة رحمتكَ، وخلِّصْني يا ربّ بحقّك” (69: 14).
هكذا نتلو إيمانَنا. في صيغة المفرد. أنا أؤمن. أين هو إيماني أعلنه؟ أم أجعله “تحت المكيال”؟ هل أعيش هذا الإيمان؟ هل أنادي به؟ هل تعمَّقتُ فيه لأستطيع أن أؤدِّي شهادةً لمن يسأل عن الرجاء الذي فينا؟ (1 بط 3: 15). وفي صيغة الجمع: نحن نؤمن. لستُ أنا وحدي، حولي العديدون. هنا، في القريب. وفي البعيد، حوالى مليارين أو ثلاثة مليارات. كلُّهم يعلنون أنَّ الله عائلة نُدعى إلى الدخول فيها. كلُّهم يتحدَّثون عن الكلمة الإلهيِّ الذي تجسَّد ومات وقُبر من أجل خلاصنا…
رسالة بطرس الأولى 3: 14-22
وإذا أنتم تتألَّمونَ من أجلِ البرّ، فطوباكم. وأنتم لا تخافونَ من أولئكَ المخيفينكم، ولا تضطربون. لكن قدِّسوا في قلوبِكم الربَّ المسيحَ وكونوا معَدِّين لمُحاججةِ كلِّ مَنْ هو مطالبكم بكلمة على رجاء إيمانِكم بالتواضعِ والمخافة، إذ يكونُ لكم ضميرٌ صالحٌ بحيثُ إنَّ هؤلاء المتكلِّمين عليكم كما على أناسٍ أشرار، يُخزَون كأناسٍ ناكرينَ تصرُّفاتِكم الصالحة في المسيح.
فنافعٌ لكم، وأنتم صانعونَ الأعمالَ الصالحة، أن تحتملوا الشرورَ، إذا هكذا هي مشيئةُ الله، لا وأنتم صانعون الشرور. لأنَّ المسيحَ أيضًا مرَّة واحدةً ماتَ عوضَ خطايانا، البارُّ عوضَ الخطأة، بحيثُ يقرِّبُكم إلى الله. ومات في الجسدِ وحييَ في الروح، وكرزَ النفوسَ التي كانت مسجونةً في الشيول، تلك التي من قديمٍ ما اقتنعَتْ في أيّامِ نوح إذ إطالةُ روحِ الله أمرَت أن تكونَ فلكٌ على رجاءِ توبتِهم، وثمانيةُ نفوسٍ فقط صعِدتْ إليها وحييَتْ في الماء.
وأنتم أيضًا بهذا المثال عينِه، عائشونَ أنتم بالمعموديَّة، لا وأنتم مُغسَلون من الأوساخ، بل وأنتم معترفونَ بالله بضميرٍ نقيّ وبقيامةِ يسوعَ المسيح، ذاك الذي رُفعَ إلى السماء وهو على يمينِ الله، وأُخضعَتْ له الملائكةُ والسلاطينُ والقوّات
عن موقع الأب بولس الفغالي