«أَ حمَدُكَ يا أَبَتِ، رَبَّ السَّماءِ والأَرض، على أَنَّكَ أَخفَيتَ هذِه الأَشياءَ على الحُكَماءِ والأَذكِياء، وَكَشَفْتَها لِلصِّغار» القدّيس ألفونس ماري دو ليغوري
نقلا عن موقع الكنيسة الكاثوليكية
القدّيس ألفونس ماري دو ليغوري (1696 – 1787)، أسقف وملفان الكنيسة ومؤسس رهبنة الفادي الأقدس
العظة الثالثة بمناسبة تساعيّة الميلاد
«أَ حمَدُكَ يا أَبَتِ، رَبَّ السَّماءِ والأَرض، على أَنَّكَ أَخفَيتَ هذِه الأَشياءَ على الحُكَماءِ والأَذكِياء، وَكَشَفْتَها لِلصِّغار»
إن الله جعلنا نولد من جديد بعد مجيء الرّب يسوع المسيح: فأي هي أعمال النعمة التي قد لا ندين له بها! وأما الخلاص الذي قام به الرّب يسوع المسيح مرّة فأي معروف أكبر نحصل عليه! وكم اشتهى إبراهيم والآباء الأولون والرُسل أن يروا المخلّص ولكنهم لم يحصلوا على هذه الغبطة. لقد أتعبوا السماء بتنّهدهم وتضّرعهم “اُقْطُرِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ مِنْ فَوْقُ، وَلْتُمطِرِ الْغُيُومُ الْصِّدِّيق … أَرسِلوا الحُمْلانَ إِلى مُتَسَلِّطِ الأَرض” (إش 45: 8 + 16: 1) … هكذا يملك على قلوبنا ويَعتقنا من العبودية التي نرزح تحتها بائسين. أرِنا يا ربُّ رَحمَتكَ وهَبْ لنا خَلاصَكَ”. وبمعنى آخر، “أسرع أيها الإله الكليّ الرحمة، وأغدق علينا رحمتك وأرسِل لنا موضوع وعدك الأساسي، ذلك الذي سيخلّصنا”. هكذا كانت التنهّدات، وهكذا كانت التضرعات الملتهبة التي رفعها القدّيسون قبل مجيء الرّب يسوع المسيح؛ وعلى الرغم من ذلك حُرموا من بهجة رؤيته يولد خلال أربعة آلاف سنة.
إنّ هذه البهجة قد خُصِّصًت لنا: لكن ماذا فعلنا؟ وأية فائدة استخلصناها منها؟ فلنتعلّم أن نحبّ هذا المخلّص الحبيب، الآن وقد أتى إلينا وخلّصنا من أيدي أعدائنا، واشترانا من الموت الأبدي بحياته… وقام بفتح الفردوس أمامنا وحملّنا ما يكفي من الأسرار ومن المساعدات القويّة لكي نحبّه ونخدمه بسلام في هذه الحياة، ولكي نتمتّع بها إلى الأبد في الحياة الآخرة. يا نفسي، سوف تمتلئين حقًا بنكران الجميل، إنْ لم تُحِبّي ربَّك وإلَهَكِ، هذا الربّ الذي أراد أن يُلف بقماط لأجل أن يخلّصك من سلاسل الجحيم، وأن يعرف الفقر حتى يعرّفك على ثرواته، وأن يكون ضعيفًا ليعطيك القوة ضدّ أعدائك، وأن يرزح تحت المعاناة والأحزان حتى يغسل خطاياك بدموعه.