العهد
أعداد.. فايزة فايزعطاالله
أولًا : معنى كلمة عهد
وجاء معنى كلمة “عهد” في المصباح المنير “العهد” الوصية وعهدت إليه أي قدمته.. والعهد الأمان والموثق والذمة وجاء معنى “عهد” في “دائرة المعارف الكتابية”: كلمة “عهد” في اللغة العبرية هي “بريت” وهي تعني “أتفاقًا أو ترتيب” وقد تكون مشتقة من الكلمة العبرية “بارا” أي أكلوا خبز معًا عند الأتفاق وكلمة قطع عهدًا في العبرية هي “بريت قرض” .
– كلمة عهد في في اليونانية هي “دياثيك” وهي تعني” أتفاق أو وصية” والفعل منها عاهد.
ثانياً: تعريف كلمة عهد
هو أتفاق agreement أو ارتباط أومثياق أو وعد أو معاهدة بين طرفين بناء على رغبتهما ورضاهما، من اجل امر معين. وبمقتضى هذا العقد، يتحمل كل طرف من ابيطرفين جميع المسئوليات والإلتزامات المنصوص عليها في العقد.
ثالثا : أنواع العهود في الكتاب المقدس
١- بين فردين
مثل لعهد الذي قطعه أبراهيم وأبيمالك ملك جيرار ) تك٢١: ٢٧ ( أو بين لابان ويعقوب) تك ٣١: ٤٤-٤٦.(
وكانوا يقطعون العهد يشقون الذبيحة كأنه يقول إن خنت الذبيحة ليشقني الله مثل الذبيحة.
٢- بين شعبين أو قبلتين أو أمتين.. مثل العهد بين أسرائيل والجعبونيين (يش: ٩: ٦-١٦)
٣- العهد بين الله والأنسان.
وهذا موضوعنا الأساسي وهو مبادرة من الله غير المحدود الذي يصنع العهد مع الإنسان المحدود العهد هنا يكاد يكون من طرف واحد، فهو يعبر عن عطية أو منحة أو هبة أو منَّة إلهيَّة للإنسان وفيها يكشف الله عن ذاته للأنسان وفيها أيضا أتفاق ومثياق الله مع البشرمن اجل منفعة وبركة الإنسان ولإظهار خطة الله الصالحة لحياته. يظهر العهد عدل الله وحكمته تجاه الإنسان.
رابعًا: العهود في الكتاب المقدس
العهد القديم عهد الله مع الأنبياء.. العهد الجديد يسوع المسيح.. يذكر الكتاب المقدس سبعة عهود مختلفة، أربعة منها (الإبراهيمي، الفلسطيني، الموسوي، الداوودي) قطعها الله مع شعب إسرائيل وثلاثة منها بطبيعتها غير مشروطة. أي أنه بغض النظر عن طاعة شعب إسرائيل أو عصيانهم، فإن الله سيحقق هذه العهود مع إسرائيل. أحد العهود، وهو العهد الموسوي، هو عهد مشروط. أي أن العهد سيجلب إما البركة أو اللعنة وفقاً لطاعة شعب إسرائيل أو عصيانهم. والثلاث عهود الأخرى (آدم، نوح، والعهد الجديد) قطعها الله مع البشرية بصورة عامة وليست محدودة بشعب إسرائيل.
١– عهد آدم
– ينظر إليه في جزئين: عهد عدن (البراءة). وعهد آدم (النعمة) (تكوين ٣: ٦١-٩١). نجد عهد عدن في سفر التكوين ١: ٦٢-٠٣؛ ٢: ٦١-٧١. وقد حدد عهد عدن مسئولية الإنسان تجاه الخليقة وأمر الله بخصوص شجرة معرفة الخير والشر. وَأَوْصَى الرَّبُّ الإلهُ آدَمَ قَائِلا: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلا، وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلا تَأْكُلْ مِنْهَا، لأنك يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ». (تكوين ٢: ١٦-١٧)
– يتضمن عهد آدم اللعنات على الجنس البشري بسبب خطية آدم وحواء وكذلك تدبير الله من أجل تلك الخطية. “٥١وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ». سفر التكوين ٣: ٥١
٢– عهد نوح
كان عهداً غير مشروط بين الله ونوح (بصورة خاصة) والبشرية (بصورة عامة). بعد الطوفان وعد الله البشر أنه لن يدمر الحياة على الأرض بالطوفان مرة ثانية “١١ أُقِيمُ مِيثَاقِي مَعَكُمْ فَلا يَنْقَرِضُ كُلُّ ذِي جَسَدٍ أَيْضًا بِمِيَاهِ الطُّوفَانِ. وَلا يَكُونُ أَيْضًا طُوفَانٌ لِيُخْرِبَ الأرْضَ». (تكوين ٩: ١١)
وأعطى الله قوس كعلامة على العهد، وهو وعد بعدم إغراق الأرض ثانية بالطوفان وتذكار بأن الله يقدر وسوف يدين الخطية (بطرس الثانية ٢: ٥).أُقِيمُ مِيثَاقِي مَعَكُمْ فَلا يَنْقَرِضُ كُلُّ ذِي جَسَدٍ أَيْضًا بِمِيَاهِ الطُّوفَانِ. وَلا يَكُونُ أَيْضًا طُوفَانٌ لِيُخْرِبَ الأرْضَ». (تكوين ٩: ١١)
٣– العهد الإبراهيمي
(تكوين ٢١: ١-٣، ٦-٧؛ ٣١: ٤١-٧١؛ ٥١؛ ٧١: ١-٤١؛ ٢٢:٥١-٧١). في هذا العهد وعد الله إبراهيم بأشياء كثيرة. لقد وعده شخصياً بأنه سيجعل إسم إبراهيم عظيما-أَنَا الله الْقَدِيرُ. سِرْ أَمَامِي وَكُنْ كَامِلا، فَأَجْعَلَ عَهْدِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ، وَأُكَثِّرَكَ كَثِيرًا جِدًّا (تكوين ٢١: ٢)، وأن إبراهيم سيكون أباً لأولاد كثيرين بالجسد (تكوين ٣١: ٦١)، وأنه سيكون أباً لأمم كثيرة (تكوين ٧١: ٤-٥). كذلك أعطاه الله وعوداً خاصة بأمة تسمى إسرائيل. في الواقع، إن الحدود الجغرافية للعهد الإبراهيمي مذكورة في أكثر من موضع في سفر التكوين (٢١: ٧؛ ٣١: ٤١-٥١؛ ٥١: ٨١-١٢). وأيضاً مما تضمنه العهد الإبراهيمي الوعد بأن كل عائلات العالم ستتبارك من خلال نسل إبراهيم (تكوين٢١: ٣؛ ٢٢: ٩١). وهذه إشارة إلى المسيا، الذي سيأتي من نسل إبراهيم.
” وَقَالَ الله لأبراهِيم وَأَمَّا أَنْتَ فَتَحْفَظُ عَهْدِي.. هذَا هُوَ عَهْدِي الَّذِي تَحْفَظُونَهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ. وَبَيْنَ نَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ. يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ” (تك ٧١: ٩-٠١) وكانت علامة العهد هيَ الختان،
٤– العهد الفلسطيني
(تثنية ٠٣:١-٠١).إن العهد الفلسطيني يتوسع في موضوع الأرض الذي ذكر بالتفصيل في العهد الإبراهيمي. وفقاً لشروط هذا العهد، فإنه لو عصى الناس الله، فإنه سيجعلهم يتشتتون حول العالم.” ٣يَرُدُّ الرَّبُّ إِلهُكَ سَبْيَكَ وَيَرْحَمُكَ، وَيَعُودُ فَيَجْمَعُكَ مِنْ جَمِيعِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ بَدَّدَكَ إِلَيْهِمِ الرَّبُّ إِلهُكَ. ٤ إِنْ يَكُنْ قَدْ بَدَّدَكَ إِلَى أَقْصَاءِ السَّمَاوَاتِ، فَمِنْ هُنَاكَ يَجْمَعُكَ الرَّبُّ إِلهُكَ، وَمِنْ هُنَاكَ يَأْخُذُكَ، (تثنية٠٣: ٣-٤،) ولكنه في النهاية سوف يرد الأمة (الآية ٥). عندما يتم رد الأمة، فإنهم سيطيعونه تماماً (الآية ٨)، وسوف يجعلهم الله يزدهرون (الآية٩).
علامة العهد لوصايا.
٥– العهد الموسوي
(تثنية ١١). كان العهد الموسوي عهداً مشروطاً، فهو إما يجلب بركة الله المباشرة نتيجة الطاعة، أو لعنة الله المباشرة على شعب إسرائيل لعدم الطاعة. كانت العهد الموسوي يتضمن الوصايا العشر (خروج ٠٢) وأيضاٍ باقي الناموس، الذي يضم أكثر من ٠٠٦ وصية – حوالي ٠٠٣ إيجابية و٠٠٣ سلبية. تفصل الأسفار التاريخية من العهد القديم (يشوع – إستير) كيف نجح شعب إسرائيل في طاعة الناموس أو كيف فشلوا بفداحة في طاعته. يشرح سفر التثنية ١١: ٦٢-٨٢ فكرة البركة واللعنة.
٦– العهد الداوودي
(صموئيل الثاني ٧: ٨-٦١). يوضح العهد الداوودي جانب “النسل” في العهد الإبراهيمي. إن الوعود المعطاة لداوود هنا مهمة جداً.علامة العهد يعد الله بأن نسل داوود يبقى إلى الأبد وأن مملكنه لن تندثر إلى الأبد (الآية ٦١). من الواضح، أن عرش داوود لم يكن قائماً طوال الوقت. لكن سيأتي وقت، يجلس فيه مرة ثانية شخص من نسل داوود على العرش ويحكم كملك. هذا الملك هو الرب يسوع (لوقا ١: ٢٣-٣٣)
٧– العهد الجديد يسوع المسيح
العهد الجديد (إرميا ١٣: ١٣-٤٣). إن العهد الجديد هو عهد قطع أولا مع شعب إسرائيل ومن ثم مع كل البشرية. في العهد الجديد يعد الله أن يغفر الخطايا وأن تنتشر معرفة المسيح في كل العالم. جاء يسوع المسيح لإكمال ناموس موسى (متى ٥: ٧١) وخلق عهداً جديداً بين الله وشعبه. والآن بما أننا تحت العهد الجديد، فإن اليهود والأمم كليهما يمكن أن يصيروا أحراراً من عقاب الناموس. أعطيت لنا الآن الفرصة لقبول الخلاص كهبة مجانية ” ٨ لانكمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإيمَانِ، وَذلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ الله.(أفسس ٢: ٨-٩).
تسمية العهد الجديد من الله بلسان إرميا النبي: ” هَا أَيَّامٌ تَأْتِي يَقُولُ الرَّبُّ وَأَقْطَعُ مَعَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَمَعَ بَيْتِ يَهُوذَا عَهْدًا جَدِيدًا..” (إر٣١: ٣١-٣٢(، وأكد هذه التسمية السيد المسيح عندما قدم سر الإفخارستيا لتلاميذه، فقال لهم: ” لأن هذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ الَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا” (مت٢٦ : ٢٨(. كما استخدم القديس بولس الرسول نفس المصطلح عندما قال: ” الَّذِي جَعَلَنَا كُفَاة لأن نَكُونَ خُدَّامَ عَهْدٍ جَدِيدٍ) ٢ كو ٣: ٦ ( هُوَذَا أَيَّامٌ تَأْتِي يَقولُ الرَّبُّ حِينَ أُكَمِّلُ مَعَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَمَعَ بَيْتِ يَهُوذَا عَهْدًا جَدِيدًا” (عب ٨: ٨).. ” وَلأجل هذَا هُوَ وَسِيطُ عَهْدٍ جَدِيد ) عب ٩: ٥١.( إِلَى وَسِيطِ الْعَهْدِ الْجَدِيدِ، يَسُوعَ ) عب ١٢ : ٢٤(.
– ان السيد المسيح اكمل كل العهود الابدية والرموز والنبوات بمعني ان عهد الكهنوت الابدي اكتمل في المسيح والمسيح يبقي الي الابد وايضا عهد ملك وكرسي داود الابدي اكتمل في المسيح والمسيح الملك يبقي الي الابد وايضا الناموس اكتمل في المسيح واكتملت كل رموزه وغيره فلهذا حتي لو اخذ العهد الابدي بمعني لفظي مطلق فهو ايضا تحقق في المسيح علامة العهد كسر الخبز (الأفخارستيا) .
– وسُمي العهد الجديد تمييزًا له عن العهد الأول الذي قطعه الله مع شعب إسرائيل، كما سُمي العهد الجديد لأنه سيبقى جديدًا على الدوام لا يشيخ ولا يضمحل كقول بولس الرسول: ” فَإِذْ قَالَ جَدِيدًا عَتَّقَ الأوَّلَ. وَأَمَّا مَا عَتَقَ وَشَاخَ فَهُوَ قَرِيب مِن الأضمحلال” ) عب٨: ٣١(، وأكد بولس الرسول أيضًا على دعوة أسفار العهد القديم بالعهد العتيق: ” بَلْ أُغْلِظَتْ أَذْهَانُهُم لأنه حَتَّى الْيَوْمِ ذلِكَ الْبُرْقُعُ نَفْسُهُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْعَهْدِ الْعَتِيقِ بَاق “(كو٣: ٣١)
– ويرجع “القديس أُغسطينوس” سبب تسمية العهدين بالقديم والجديد، فيقول: ” سُمي العهد القديم قديمًا لأن الخطية التي للإنسان القديم كانت تعمل في الإنسان ولم يقدر حرف الناموس أن يشفيها، فالناموس كشف الخطية دون أن يعالجها. أما العهد الجديد فدُعي جديدًا من أجل عطية روح الله الحي (٢كو ٣: ٣( الذي نقش الوصية بطريقة جديدة لا في ألواح حجرية بل ألواح قلب لحمية ( ٢كو ٣ : ٣-٩(
– المصادر والمراجع
– الكتاب المقدس
– معجم اللاهوت الكتابي. دار المشرق (لبنان)
– المصباح المنير – إصدار مكتبة لبنان ص٥٦١
– دائرة المعارف الكتابية ج- ٥ ص ١٥٣